خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12] وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنْ قِيلِهِ لِإِبْلِيسَ إِذْ عَصَاهُ فَلَمْ يَسْجُدْ لِآدَمَ إِذْ أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ لَهُ، يَقُولُ: {قَالَ} [البقرة: 30] اللَّهُ لِإِبْلِيسَ: {مَا مَنَعَكَ} [الأعراف: 12] : أَيُّ شَيْءٍ مَنَعَكَ {أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12] : أَنْ تَدَعَ السُّجُودَ لِآدَمَ، {إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: 12] أَنْ تَسْجُدَ. {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف: 12] يَقُولُ: قَالَ إِبْلِيسُ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ آدَمَ، {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلْقَتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12] فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَخْبِرْنَا عَنْ إِبْلِيسَ، أَلْحَقَتْهُ الْمَلَامَةُ عَلَى السُّجُودِ أَمْ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ؟ فَإِنْ تَكُنْ لَحِقَتْهُ الْمَلَامَةُ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ، فَكَيْفَ قِيلَ لَهُ: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: 12] ، وَإِنْ كَانَ النَّكِيرُ عَلَى السُّجُودِ، فَذَلِكَ خِلَافُ مَا جَاءَ بِهِ التَّنْزِيلُ فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ، وَخِلَافُ مَا يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ. قِيلَ: إِنَّ الْمَلَامَةَ لَمْ تَلْحَقْ إِبْلِيسَ إِلَّا عَلَى مَعْصِيَتِهِ رَبَّهُ بِتَرْكِهِ السُّجُودَ لِآدَمَ إِذْ أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ لَهُ، غَيْرَ أَنَّ فِيَ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: 12] بَيْنَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ اخْتِلَافًا أَبْدَأُ بِذِكْرِ مَا قَالُوا، ثُمَّ أَذْكُرُ الَّذِي هُوَ أَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: مَعْنَى ذَلِكَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ، وَ (لَا) هَهُنَا زَائِدَةٌ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

[البحر الطويل]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015