القول في تأويل قوله تعالى: وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون يقول تعالى ذكره: وهذا الذي وصاكم به ربكم أيها الناس في هاتين الآيتين من قوله: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم وأمركم بالوفاء به، هو

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَهَذَا الَّذِي وَصَّاكُمْ بِهِ رَبُّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 151] وَأَمَرَكُمْ بِالْوَفَاءِ بِهِ، هُوَ صِرَاطُهُ، يَعْنِي طَرِيقَهُ وَدِينَهُ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ. {مُسْتَقِيمًا} [النساء: 68] يَعْنِي: قَوِيمًا لَا اعْوِجَاجَ بِهِ عَنِ الْحَقِّ. {فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 153] يَقُولُ: فَاعْمَلُوا بِهِ، وَاجْعَلُوهُ لِأَنْفُسِكُمْ مِنْهَاجًا تَسْلِكُونَهُ فَاتَّبِعُوهُ. {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153] يَقُولُ: وَلَا تَسْلُكُوا طَرِيقًا سِوَاهُ، وَلَا تَرْكَبُوا مَنْهَجًا غَيْرَهُ، وَلَا تَبْغُوا دِينًا خِلَافَهُ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمِلَلِ، فَإِنَّهَا بِدَعٌ وَضَلَالَاتٌ. {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] يَقُولُ: فَيُشَتِّتُ بِكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمُ السُّبُلَ الْمُحْدَثَةَ الَّتِي لَيْسَتْ لِلَّهِ بِسُبُلٍ وَلَا طُرُقٍ وَلَا أَدْيَانٍ، اتِّبَاعَكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، يَعْنِي: عَنْ طَرِيقِهِ وَدِينِهِ الَّذِي شَرَعَهُ لَكُمْ وَارْتَضَاهُ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ الَّذِي وَصَّى بِهِ الْأَنْبِيَاءَ وَأَمَرَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَكُمْ. {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} [الأنعام: 151] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا الَّذِي وَصَّاكُمْ بِهِ رَبُّكُمْ مِنْ قَوْلِهِ لَكُمْ: إِنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ، وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ يَقُولُ: لِتَتَّقُوا اللَّهَ فِي أَنْفُسِكُمْ فَلَا تُهْلِكُوهَا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015