الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَا تَقْرَبُوا الظَّاهِرَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْكُمُ الَّتِي هِيَ عَلَانِيَةٌ بَيْنَكُمْ لَا تَنَاكَرُونَ رُكُوبَهَا، وَالْبَاطِنَ مِنْهَا الَّذِي تَأْتُونَهُ سِرًّا فِي خَفَاءٍ لَا تَجَاهَرُونَ بِهِ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ حَرَامٌ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّمَا قِيلَ: لَا تَقْرَبُوا مَا ظَهَرَ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَمَا بَطَنَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَقْبِحُونَ مِنْ مَعَانِي الزِّنَا بَعْضًا. وَلَيْسَ مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ بِمَدْفُوعٍ، غَيْرَ أَنَّ دَلِيلَ الظَّاهِرِ مِنَ التَّنْزِيلِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ ظَاهِرِ كُلِّ فَاحِشَةٍ وَبَاطِنِهَا، وَلَا خَبَرَ يَقْطَعُ الْعُذْرَ بِأَنَّهُ عُنِيَ بِهِ بَعْضٌ دُونَ جَمِيعٍ، وَغَيْرُ جَائِزٍ إِحَالَةُ ظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ إِلَى بَاطِنٍ إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا. ذِكْرُ مَنْ قَالَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ الْآيَةُ خَاصُّ الْمَعْنَى