كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا قَالَ لَهُمْ مُوسَى: {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ -[83]- الْجَاهِلِينَ} [البقرة: 67] قَالُوا لَهُ يَتَعَنَّتُونَهُ: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} [البقرة: 68] فَلَمَّا تَكَلَّفُوا جَهْلًا مِنْهُمْ مَا تَكَلَّفُوا مِنَ الْبَحْثِ عَمَّا كَانُوا قَدْ كُفُوهُ مِنْ صِفَةِ الْبَقَرَةِ الَّتِي أُمِرُوا بِذَبْحِهَا تَعَنُّتًا مِنْهُمْ بِنَبِيِّهِمْ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الَّذِي كَانُوا أَظْهَرُوا لَهُ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِهِ فِيمَا أَخْبَرَهُمْ عَنِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِمْ: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} [البقرة: 67] عَاقَبَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنْ خَصَّ بِذِبْحِ مَا كَانَ أَمَرَهُمْ بِذَبْحِهِ مِنَ الْبَقَرِ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا دُونَ نَوْعٍ، فَقَالَ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِذْ سَأَلُوهُ فَقَالُوا: مَا هِيَ صِفَتُهَا وَمَا حِلْيَتُهَا؟ حَلِّهَا لَنَا لِنَعْرِفَهَا قَالَ: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} [البقرة: 68] " يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {لَا فَارِضٌ} [البقرة: 68] لَا مُسِنَّةٌ هَرِمَةٌ، يُقَالُ مِنْهُ: فَرَضَتِ الْبَقَرَةُ تَفْرِضُ فُرُوضًا، يَعْنِي بِذَلِكَ أَسَنَّتْ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الرجز]
يَا رُبَّ ذِي ضِغْنٍ عَلَيَّ فَارِضِ ... لَهُ قُرُوءٌ كَقُرُوءِ الْحَائِضِ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ فَارِضٌ: قَدِيمٌ يَصِفُ ضِغْنًا قَدِيمًا. وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
لَهُ زِجَاجٌ وَلَهَاةٌ فَارِضُ ... -[84]- هَدْلَاءُ كَالْوَطْبِ نَحَاهُ الْمَاخِضُ
وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ فَارِضٍ قَالَ الْمُتَأَوِّلُونَ