القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون وهذه الآية مما وبخ

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ} [البقرة: 68] وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا وَبَّخَ اللَّهُ بِهَا الْمُخَاطَبِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي نَقْضِ أَوَائِلِهِمُ الْمِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالطَّاعَةِ لِأَنْبِيَائِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: وَاذْكُرُوا أَيْضًا مِنْ نَكْثِكُمْ مِيثَاقِي، إِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ، وَقَوْمُهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ، إِذِ ادَّارَءُوا فِي الْقَتِيلِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِمْ إِلَيْهِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} [البقرة: 67] وَالْهُزُوُ: اللَّعِبُ وَالسُّخْرِيَةُ كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:

[البحر الرجز]

قَدْ هَزِئَتْ مِنِّي أُمُّ طَيْسَلَةَ ... قَالَتْ أُرَاهُ مُعْدِمًا لَا شَيْءَ لَهُ

يَعْنِي بِقَوْلِهِ: قَدْ هَزِئَتْ: قَدْ سَخِرِتْ وَلَعِبَتْ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فِيمَا أَخْبَرَتْ عَنِ اللَّهِ مِنْ أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ هُزُوٌ أَوْ لَعِبٌ. فَظَنُّوا بِمُوسَى أَنَّهُ فِي أَمْرِهِ إِيَّاهُمْ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذِبْحِ الْبَقَرَةِ عِنْدَ تَدَارُئِهِمْ فِي الْقَتِيلِ إِلَيْهِ أَنَّهُ هَازِئٌ لَاعِبٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَظُنُّوا ذَلِكَ بِنَبِيِّ اللَّهِ، وَهُوَ يُخْبِرُهُمْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَمَرَهُمْ بِذِبْحِ الْبَقَرَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015