القول في تأويل قوله تعالى: فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين يعني بقوله: فقلنا لهم أي فقلنا للذين اعتدوا في السبت؛ يعني في يوم السبت. وأصل السبت الهدو السكون في راحة ودعة، ولذلك قيل للنائم مسبوت لهدوه وسكون جسده واستراحته، كما قال جل ثناؤه: وجعلنا نومكم

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {فَقُلْنَا لَهُمْ} [البقرة: 65] أَيْ فَقُلْنَا لِلَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ؛ يَعْنِي فِي يَوْمِ السَّبْتِ. وَأَصْلُ السَّبْتِ الْهُدُوُّ السُّكُونُ فِي رَاحَةٍ وَدَعَةٍ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلنَّائِمِ مَسْبُوتٌ لِهُدُوِّهِ وَسُكُونِ جَسَدِهِ وَاسْتِرَاحَتِهِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ: 9] أَيْ رَاحَةً لِأَجْسَادِكُمْ. وهوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: سَبَتَ فُلَانٌ يَسْبِتُ سَبْتًا. وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ سُمِّيَ سَبْتًا لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَرَغَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي قَبْلَهُ، مِنْ خَلْقِ جَمِيعِ خَلْقِهِ. وَقَوْلُهُ: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65] أَيْ صِيرُوا كَذَلِكَ وَالْخَاسِئُ: الْمُبْعَدُ الْمَطْرُودُ كَمَا يَخْسَأُ الْكَلْبُ، يُقَالُ مِنْهُ: خَسَأْتُهُ أَخْسَؤُهُ خَسْأً وَخُسُوءًا، وَهُوَ يَخْسَأُ خُسُوءًا، قَالَ: وَيُقَالُ خَسَأْتُهُ فَخَسَأَ وَانْخَسَأَ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

[البحر الرجز]

كَالْكَلْبِ إِنْ قُلْتَ لَهُ اخْسَأِ انْخَسَأَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015