القول في تأويل قوله تعالى: خذوا ما آتيناكم بقوة قال أبو جعفر: اختلف أهل العربية في تأويل ذلك، فقال بعض نحويي أهل البصرة: هو مما استغني بدلالة الظاهر المذكور عما ترك ذكره له، وذلك أن معنى الكلام: ورفعنا فوقكم الطور وقلنا لكم خذوا ما آتيناكم بقوة،

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة: 63] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْبَصْرَةِ: هُوَ مِمَّا اسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ الظَّاهِرِ الْمَذْكُورِ عَمَّا تُرِكَ ذِكْرُهُ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ وَقُلْنَا لَكُمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ، وَإِلَّا قَذَفْنَاهُ عَلَيْكُمْ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْكُوفَةِ: أَخْذُ الْمِيثَاقِ قَوْلٌ فَلَا حَاجَةَ بِالْكَلَامِ إِلَى إِضْمَارِ قَوْلٍ فِيهِ، فَيَكُونُ مِنْ كَلَامَيْنِ غَيْرَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مَا خَالَفَ الْقَوْلَ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْقَوْلِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَنْ كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} [نوح: 1] قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ تَحْذِفَ أَنْ. وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ كَلَامٍ نُطِقَ بِهِ مَفْهُومٌ بِهِ مَعْنَى مَا أُرِيدَ فَفِيهِ الْكِفَايَةُ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ} [البقرة: 63] مَا أَمَرْنَاكُمْ بِهِ فِي التَّوْرَاةِ، وَأَصْلُ الْإِيتَاءِ: الْإِعْطَاءُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015