الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الأنعام: 7] وَهَذَا إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ بِرَبِّهِمُ الْأَوْثَانَ وَالْآلِهَةَ وَالْأَصْنَامَ. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَكَيْفَ يَتَفَقَّهُونَ الْآيَاتِ، أَمْ كَيْفَ يَسْتَدِلُّونَ عَلَى بُطْلَانِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَجُحُودِ نُبُوَّتِكَ بِحُجَجِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ وَأَدِلَّتِهِ، وَهُمْ لِعِنَادِهِمُ الْحَقَّ وَبُعْدِهِمْ مِنَ الرُّشْدِ، لَوْ أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ الْوَحْيَ الَّذِي أَنْزَلْتُهُ عَلَيْكَ مَعَ رَسُولِي فِي قِرْطَاسٍ يُعَايُنُونَهُ وَيَمَسُّونُهُ بِأَيْدِيهِمْ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَيَقْرَءُونَهُ مِنْهُ مُعَلَّقًا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِحَقِيقِةِ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ وَصِحَّةِ مَا تَأْتِيهِمْ بِهِ مِنْ تَوْحِيدِي وَتَنْزِيلِي، لَقَالَ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ بِي غَيْرِي فَيُشْرِكُونَ فِي تَوْحِيدِي سِوَايَ: {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [المائدة: 110] أَيْ مَا هَذَا الَّذِي جِئْتَنَا بِهِ إِلَّا سِحْرٌ سَحَرْتَ بِهِ أَعْيُنَنَا، لَيْسَتْ لَهُ حَقِيقَةٌ وَلَا صِحَّةٌ، {مُبِينٌ} [البقرة: 168]