أَخَذَ الْأَجَلَ وَالْمِيثَاقَ فِي أَجَلٍ وَاحِدٍ مُسَمًّى فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: ثُمَّ قَضَى أَجَلَ هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} [الأنعام: 2] وَهُوَ أَجَلُ الْبَعْثِ عِنْدَهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى نَبَّهَ خَلْقَهُ عَلَى مَوْضِعِ حُجَّتِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الَّذِي يَعْدِلُ بِهِ كُفَّارُكُمُ الْآلِهَةَ وَالْأَنْدَادَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَابْتَدَأَكُمْ وَأَنْشَأَكُمْ مِنْ طِينٍ، فَجَعَلَكُمْ صُوَرًا أَجْسَامًا أَحْيَاءَ بَعْدَ إِذْ كُنْتُمْ طِينًا جَمَادًا، ثُمَّ قَضَى آجَالَ حَيَاتِكُمْ لِفَنَائِكُمْ وَمَمَاتِكُمْ، لِيُعِيدَكُمْ تُرَابًا وَطِينًا كَالَّذِي كُنْتُمْ قَبْلَ أَنْ يُنْشِئَكُمَ وَيَخْلُقَكُمْ. {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} [الأنعام: 2] لِإِعَادَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَجْسَامًا كَالَّذِي كُنْتُمْ قَبْلَ مَمَاتِكُمْ. وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تَرْجِعُونَ} [البقرة: 28]