الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2] : الْحَمْدُ الْكَامِلُ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، دُونَ جَمِيعِ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ، وَدُونَ مَا سِوَاهُ مِمَّا تَعْبُدُهُ كَفَرَةُ خَلْقِهِ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ. وَهَذَا كَلَامٌ مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الْخَبَرِ يُنْحَى بِهِ نَحْوَ الْأَمْرِ، يَقُولُ: أَخْلِصُوا الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ لِلَّذِي خَلَقَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَلَا تُشْرِكُوا مَعَهُ فِي ذَلِكَ أَحَدًا شَيْئًا، فَإِنَّهُ الْمُسْتَوْجِبُ عَلَيْكُمُ الْحَمْدَ بِأَيَادِيهِ عِنْدَكُمْ وَنِعَمِهِ عَلَيْكُمْ، لَا مَنْ تَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِهِ وَتَجْعَلُونَهُ لَهُ شَرِيكًا مِنْ خَلْقِهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَصْلَ بَيْنَ مَعْنَى الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ