القول في تأويل قوله تعالى: ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قول عيسى يقول: ما قلت لهم إلا الذي أمرتني به من القول أن

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنْ قَوْلِ عِيسَى يَقُولُ: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا الَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ مِنَ الْقَوْلِ أَنْ أَقُولَهُ لَهُمْ، وَهُوَ أَنْ قُلْتُ لَهُمُ: اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا يَقُولُ: وَكُنْتُ عَلَى مَا يَفْعَلُونَهُ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ شَاهِدًا عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ. فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي يَقُولُ: فَلَمَّا قَبَضْتَنِي إِلَيْكَ، كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ يَقُولُ: كُنْتَ أَنْتَ الْحَفِيظَ عَلَيْهِمْ دُونِي، لِأَنِّي إِنَّمَا شَهِدْتُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مَا عَمِلُوهُ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ. وَفِي هَذَا تِبْيَانٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا عَرَّفَهُ أَفْعَالَ الْقَوْمِ وَمَقَالَتَهُمْ بَعْدَمَا قَبَضَهُ إِلَيْهِ وَتَوَفَّاهُ بِقَوْلِهِ: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ يَقُولُ: وَأَنْتَ تَشْهَدُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ، وَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا شَهِدْتُ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ، وَذَلِكَ مَا عَايَنْتُ وَأَنَا مُقِيمٌ بَيْنَ أَظْهُرِ الْقَوْمِ، فَإِنَّمَا أَنَا أَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ الَّذِي عَايَنْتُ وَرَأَيْتُ وَشَهِدْتُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015