حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «مَائِدَةٌ عَلَيْهَا طَعَامٌ أَبَوْهَا حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ إِنْ كَفَرُوا، فَأَبَوْا أَنْ تَنْزِلَ، عَلَيْهِمْ» -[131]- وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ الْمَائِدَةَ عَلَى الَّذِينَ سَأَلُوا عِيسَى مَسْأَلَتَهُ ذَلِكَ رَبَّهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِلْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَا بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَأَهْلِ التَّأْوِيلِ مِنْ بَعْدِهِمْ غَيْرَ مَنِ انْفَرَدَ بِمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ. وَبَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَخْلُفُ وَعْدَهُ وَلَا يَقَعُ فِي خَبَرِهِ الْخُلْفُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا فِي كِتَابِهِ عَنْ إِجَابَةِ نَبِيِّهِ عِيسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهُ مَا سَأَلَهُ مِنْ ذَلِكَ: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} [المائدة: 115] ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} [المائدة: 115] ، ثُمَّ لَا يُنَزِّلُهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ تَعَالَى خَبَرٌ، وَلَا يَكُونُ مِنْهُ خِلَافُ مَا يُخْبِرُ. وَلَوْ جَازَ أَنْ يَقُولَ: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} [المائدة: 115] ، ثُمَّ لَا يُنَزِّلُهَا عَلَيْهِمْ، جَازَ أَنْ يَقُولَ: {فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: 115] ، ثُمَّ يَكْفُرُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُعَذِّبُهُ، فَلَا يَكُونُ لِوَعْدِهِ وَلَا لِوَعِيدِهِ حَقِيقَةٌ وَلَا صِحَّةٌ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُوصَفَ رَبُّنَا تَعَالَى بِذَلِكَ. وَأَمَّا الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِيمَا كَانَ عَلَى الْمَائِدَةِ، فَأَنْ يُقَالَ: كَانَ عَلَيْهَا مَأْكُولٌ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ سَمَكًا وَخُبْزًا، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ ثَمَرًا مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ، وَغَيْرُ نَافِعٍ الْعِلْمُ بِهِ وَلَا ضَارٌّ الْجَهْلُ بِهِ، إِذَا أَقَرَّ تَالِي الْآيَةِ بِظَاهِرِ مَا احْتَمَلَهُ التَّنْزِيلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015