حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا عَبْدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ: (مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوَّلَيْنِ) قَالَ: وَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوَ كَانَ الْأَوْلَيَانِ صَغِيرَيْنِ، كَيْفَ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا؟ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا أَرَى إِلَى نَحْوِ الْقَوْلِ الَّذِي حَكَيْتُ عَنْ شُرَيْحٍ وَقَتَادَةَ، مِنْ أَنَّ ذَلِكَ رَجُلَانِ آخَرَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقُومَانِ مَقَامَ -[103]- النَّصْرَانِيَّيْنِ، أَوْ عَدْلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ هُمَا أَعْدَلُ وَأَجْوَزُ شَهَادَةً مِنَ الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَوِ الْمُقْسِمَيْنِ. وَفِي إِجْمَاعِ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ لَا حُكْمَ لِلَّهِ تَعَالَى يَجِبُ فِيهِ عَلَى شَاهِدِ يَمِينٍ فِيمَا قَامَ بِهِ مِنَ الشَّهَادَةِ، دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي قَالَهُ الْحَسَنُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} [المائدة: 107] أَوْلَى بِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ {الْأَوْلَيَانِ} [المائدة: 107] ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَنَا: الْأَوْلَى بِالْمَيِّتِ مِنَ الْمُقْسِمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَالْأَوْلَى، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: الْأَوْلَى بِالْيَمِينِ مِنْهُمَا فَالْأَوْلَى، ثُمَّ حُذِفَ (مِنْهُمَا) ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فَتَقُولُ: فُلَانٌ أَفْضَلُ، وَهِيَ تُرِيدُ أَفْضَلُ مِنْكَ، وَذَلِكَ إِذَا وُضِعَ أَفْعَلُ مَوْضِعَ الْخَبَرِ. وَإِنْ وَقَعَ مَوْقِعَ الِاسْمِ وَأُدْخِلَتْ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ، فَعَلُوا ذَلِكَ أَيْضًا إِذَا كَانَ جَوَابًا لِكَلَامٍ قَدْ مَضَى، فَقَالُوا: هَذَا الْأَفْضَلُ، وَهَذَا الْأَشْرَفُ يُرِيدُونَ هُوَ الْأَشْرَفُ مِنْكَ