حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني ابْنُ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: " السَّائِبَةُ: الَّتِي كَانَتْ تُسَيَّبُ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَالْبَحِيرَةُ: الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ فَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ وَالْوَصِيلَةُ: النَّاقَةُ الْبِكْرُ تُبَكِّرُ أَوَّلَ نِتَاجِ الْإِبِلِ بِأُنْثَى، -[39]- ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى، وَكَانُوا يُسَمُّونَهَا لِلطَّوَاغِيتِ، يَدْعُونَهَا الْوَصِيلَةَ، إِنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَالْحَامِي: فَحْلُ الْإِبِلِ يَضْرِبُ الْعَشَرَ مِنَ الْإِبِلِ، فَإِذَا نَقَصَ ضِرَابُهُ يَدَعُونَهُ لِلطَّوَاغِيتِ، وَأَعْفَوْهُ مِنَ الْحَمْلِ، فَلَمْ يَحْمِلُوا عَلَيْهِ شَيْئًا، وَسَمَّوْهُ الْحَامِيَ " وَهَذِهِ أُمُورٌ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَبْطَلَهَا الْإِسْلَامُ، فَلَا نَعْرِفُ قَوْمًا يَعْمَلُونَ بِهَا الْيَوْمَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْمَلُ بِهِ لَا يُوصَلُ إِلَى عِلْمِهِ إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ الْيَوْمَ أَثَرٌ، وَلَا فِي الشِّرْكِ نَعْرِفُهُ إِلَّا بِخَبَرٍ، وَكَانَتِ الْأَخْبَارُ عَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ مُخْتَلِفَةً الِاخْتِلَافَ الَّذِي ذَكَرْنَا، فَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: أَمَّا مَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ، فَمَا بَيَّنَّا فِي ابْتِدَاءِ الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ. وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ عَمَلِ الْقَوْمِ فِي ذَلِكَ، فَمَا لَا عِلْمَ لَنَا بِهِ. وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِوَصْفِ عَمَلِهِمْ ذَلِكَ عَلَى مَا قَدْ حَكَيْنَا، وَغَيْرُ ضَائِرٍ الْجَهْلُ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ عِلْمِهِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ، مُوَصِّلًا إِلَى حَقِيقَتِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا مُحَرِّمِينَ مِنْ أَنْعَامِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ اتِّبَاعًا مِنْهُمْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ، فَوَبَّخَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حَلَالٌ، فَالْحَرَامُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عِنْدَنَا مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَصٍّ أَوْ دَلِيلٍ وَالْحَلَالُ مِنْهُ: مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَذَلِكَ