قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {وَضُرِبَتْ} [البقرة: 61] أَيْ فُرِضَتْ. وَوُضِعَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَأَلْزَمُوهَا؛ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: ضَرَبَ الْإِمَامُ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَضَرَبَ الرَّجُلُ عَلَى عَبْدِهِ الْخَرَاجَ؛ يَعْنِي بِذَلِكَ وَضَعَهُ فَأَلْزَمَهُ إِيَّاهُ، وَمِنْ قَوْلِهِمْ: ضَرَبَ الْأَمِيرُ عَلَى الْجَيْشِ الْبَعْثَ، يُرَادُ بِهِ أَلْزَمَهُمُوهُ. وَأَمَّا الذِّلَّةُ، فَهِيَ الْفِعْلَةُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: ذَلَّ فُلَانٌ يَذِلُّ ذُلًّا وَذِلَّةً. كَالصِّغْرَةِ مِنْ صِغَرِ الْأَمْرِ، وَالْقِعْدَةِ مِنْ قَعَدَ، وَالذِّلَّةُ: هِيَ الصَّغَارُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يُعْطُوهُمْ أَمَانًا عَلَى الْقَرَارِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ كُفْرِهِمْ بِهِ وَبِرَسُولِهِ إِلَّا أَنْ يَبْذُلُوا الْجِزْيَةَ عَلَيْهِ لَهُمْ، فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]