القول في تأويل قوله تعالى: كلوا واشربوا من رزق الله وهذا أيضا مما استغنى بذكر ما هو ظاهر منه عن ذكره ما ترك ذكره. وذلك أن تأويل الكلام: فقلنا اضرب بعصاك الحجر فضربه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، قد علم كل أناس مشربهم، فقيل لهم: كلوا واشربوا من رزق

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ} [البقرة: 60] وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا اسْتَغْنَى بِذِكْرِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْهُ عَنْ ذِكْرِهِ مَا تَرَكَ ذِكْرَهُ. وَذَلِكَ أَنَّ تَأْوِيلَ الْكَلَامِ: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} [البقرة: 60] فَضَرَبَهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا، قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ، فَقِيلَ لَهُمْ: كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ أَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِأَكْلِ مَا رَزَقَهُمْ فِي التِّيهِ مِنَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى، وَبِشُرْبِ مَا فَجَّرَ لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ مِنَ الْحَجَرِ الْمُتَعَاوِرِ الَّذِي لَا قَرَارِ لَهُ فِي الْأَرْضِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا لِمَالِكِيهِ، يَتَدَفَّقُ بِعُيُونِ الْمَاءِ وَيَزْخَرُ بِيَنَابِيعِ الْعَذْبِ الْفُرَاتِ بِقُدْرَةِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015