الْقِرَاءَتَيْنِ جَمِيعًا , أَعْنِي النَّصَبَ فِي الْأَرْجِلِ وَالْخَفْضَ , لِأَنَّ فِي عُمُومِ الرِّجْلَيْنِ بَمَسْحِهِمَا بِالْمَاءِ غُسْلَهُمَا , وَفِي إِمْرَارِ الْيَدِ وَمَا قَامَ مَقَامَ الْيَدِ عَلَيْهِمَا مَسْحُهُمَا , فَوَجْهُ صَوَابِ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ نَصَبًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى عُمُومِهِمَا بِإِمْرَارِ الْمَاءِ عَلَيْهِمَا. وَوَجْهُ صَوَابِ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهُ خَفْضًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِمْرَارِ الْيَدِ عَلَيْهِمَا , أَوْ مَا قَامَ مَقَامَ الْيَدِ مَسْحًا بِهِمَا. غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَكَانَتِ الْقِرَاءَتَانِ كِلْتَاهُمَا حَسَنًا صَوَابًا , فَأَعْجَبُ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأَهَا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ خَفْضًا لِمَا وَصَفْتُ مِنْ جَمْعِ الْمَسْحِ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ وَصَفْتُ , وَلِأَنَّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} فَالْعَطْفُ بِهِ عَلَى الرُّءُوسِ مَعَ قُرْبِهِ مِنْهُ أَوْلَى مِنَ الْعَطْفِ بِهِ عَلَى الْأَيْدِي , وَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِقَوْلِهِ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْحِ فِي الرِّجْلَيْنِ الْعُمُومُ دُونَ أَنْ يَكُونَ خُصُوصًا نَظِيرَ قَوْلِكَ فِي الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ؟ قِيلَ: الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ تَظَاهُرُ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ» , وَلَوْ كَانَ مَسْحُ بَعْضِ الْقَدَمِ مُجْزِيًا عَنْ عُمُومِهَا بِذَلِكَ لَمَا كَانَ لَهَا الْوَيْلُ بِتَرْكِ مَا تُرِكَ مَسْحُهُ مِنْهَا بِالْمَاءِ بَعْدَ أَنْ يَمْسَحَ بَعْضَهَا , لِأَنَّ مَنْ أَدَّى فَرْضَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيمَا لَزِمَهُ غُسْلَهُ مِنْهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْوَيْلَ , بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ , فَوُجُوبُ الْوَيْلِ لِعَقِبِ تَارِكِ غُسْلِ عَقِبِهِ فِي وَضُوئِهِ , أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ فَرْضِ الْعُمُومِ بِمَسْحِ جَمِيعِ الْقَدَمِ بِالْمَاءِ , وَصِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ وَفَسَادِ مَا خَالَفَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015