حَدَّثَنَا بِذَلِكَ عَنْهُ الرَّبِيعُ " وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] غُسْلَ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمَرَافِقِ , فَالْمِرْفَقَانِ غَايَةٌ لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ غُسْلَهُ مِنْ آخِرِ الْيَدِ , وَالْغَايَةُ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْحَدِّ , كَمَا غَيْرُ دَاخِلٍ اللَّيْلِ فِيمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ مِنَ الصَّوْمِ بِقَوْلِهِ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] لِأَنَّ اللَّيْلَ غَايَةٌ لِصَوْمِ الصَّائِمِ , إِذَا بَلَغَهُ فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ. قَالُوا: فَكَذَلِكَ الْمَرَافِقُ فِي قَوْلِهِ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] غَايَةٌ لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ غُسْلَهُ مِنَ الْيَدِ. وَهَذَا قَوْلُ زُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: أَنَّ غُسْلَ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مِنَ الْفَرْضِ الَّذِي إِنْ تَرَكَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ تَارِكٌ , لَمْ تُجْزِهِ الصَّلَاةُ مَعَ تَرْكِهِ غُسْلَهُ. فَأَمَّا الْمِرْفَقَانِ وَمَا وَرَاءَهُمَا , فَإِنَّ غُسْلَ ذَلِكَ مِنَ النَّدْبِ الَّذِي نَدَبَ إِلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ بِقَوْلِهِ: «أُمَّتِي الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ , فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» فَلَا تَفْسَدُ صَلَاةُ تَارِكٍ غُسْلَهُمَا وَغُسْلَ مَا وَرَاءَهُمَا , لِمَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ فِيمَا مَضَى مِنْ أَنَّ لَكَ غَايَةً حُدَّتْ بِإِلَى فَقَدْ تَحْتَمِلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ دُخُولَ الْغَايَةِ فِي الْحَدِّ وَخُرُوجَهَا مِنْهُ. وَإِذَا احْتَمَلَ الْكَلَامُ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ الْقَضَاءُ بِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِيهِ , إِلَّا لِمَنْ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ فِيمَا بَيَّنَ وَحَكَمَ , وَلَا حُكْمَ بِأَنَّ الْمَرَافِقَ دَاخِلَةٌ فِيمَا يَجِبُ غُسْلُهُ عِنْدَنَا مِمَّنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ بِحُكْمِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015