مِنْهُ , أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ فَذُكِّيَ أَوْ لَمْ تُدْرَكْ ذَكَاتُهُ حَتَّى قَتَلَتْهُ الْجَوَارِحُ , بِجَرْحِهَا إِيَّاهُ أَوْ بِغَيْرِ جَرْحٍ. وَهَذَا قَوْلُ الَّذِينَ قَالُوا: تَعْلِيمُ الْجَوَارِحِ الَّذِي يَحِلُّ بِهِ صَيْدُهَا أَنْ تُعَلَّمَ الِاسْتِشْلَاءَ عَلَى الصَّيْدِ وَطَلَبَهُ إِذَا أُشْلِيَتْ عَلَيْهِ وَأَخْذَهُ , وَتَرْكَ الْهَرَبِ مِنْ صَاحِبِهَا دُونَ تَرْكِ الْأَكْلِ مِنْ صَيْدِهَا إِذَا صَادَتْهُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَالرِّوَايَةِ عَنْهُمْ بِأَسَانِيدِهَا الْوَارِدَةِ آنِفًا وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ عَلَى الْخُصُوصِ دُونَ الْعُمُومِ , قَالُوا: وَمَعْنَاهُ: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ مِنَ الصَّيْدِ جَمِيعِهِ دُونَ بَعْضِهِ. قَالُوا: فَإِنْ أَكَلَتِ الْجَوَارِحُ مِنْهُ بَعْضًا وَأَمْسَكَتْ بَعْضًا , فَالَّذِي أَمْسَكَتْ مِنْهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَكْلُهُ وَقَدْ أَكَلَتْ بَعْضَهُ لِأَنَّهَا إِنَّمَا أَمْسَكَتْ مَا أَمْسَكَتْ مِنْ ذَلِكَ الصَّيْدِ بَعْدَ الَّذِي أَكَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَنْفُسِهَا لَا عَلَيْنَا , وَاللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا أَبَاحَ لَنَا كُلَّ مَا أَمْسَكَتْهُ جَوَارِحَنَا الْمُعَلَّمَةُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] دُونَ مَا أَمْسَكَتْهُ عَلَى أَنْفُسِهَا , وَهَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: تَعْلِيمُ الْجَوَارِحِ الَّذِي يَحِلُّ بِهِ صَيْدُهَا , أَنْ تَسْتَشْلِيَ لِلصَّيْدِ إِذَا أُشْلِيَتْ فَتَطْلُبَهُ وَتَأْخُذَهُ , فَتُمْسِكَهُ عَلَى صَاحِبِهَا فَلَا تَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا , وَلَا تَفِرَّ مِنْ صَاحِبِهَا؛ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ , وَنَذْكُرُ مِنْهُمْ جَمَاعَةً آخَرِينَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ