القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السموات والأرض وكان الله عليما حكيما يعني بقوله جل ثناؤه: يا أيها الناس مشركي العرب , وسائر أصناف الكفر قد جاءكم الرسول يعني: محمدا صلى

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} [البقرة: 21] مُشْرِكِي الْعَرَبِ , وَسَائِرِ أَصْنَافِ الْكُفْرِ {قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ} [النساء: 170] يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَدْ جَاءَكُمْ {بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ} [النساء: 170] يَقُولُ: " بِالْإِسْلَامِ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ دِينًا , يَقُولُ: مِنْ رَبَّكُمْ: يَعْنِي مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ. {فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ} [النساء: 170] يَقُولُ: " فَصَدِّقُوهُ وَصَدِّقُوا بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ مِنَ الدِّينِ , فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنَ الْكُفْرِ بِهِ. {وَإِنْ تَكْفُرُوا} [النساء: 131] يَقُولُ: وَإِنْ تَجْحَدُوا رِسَالَتَهُ، وَتُكَذِّبُوا بِهِ وَبِمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ فَإِنَّ جُحُودَكُمْ ذَلِكَ وَتَكْذِيبَكُمْ بِهِ لَنْ يَضُرَّ غَيْرَكُمْ، وَإِنَّمَا مَكْرُوهُُ ذَلِكَ، عَائِدُُ عَلَيْكُمْ دُونَ الَّذِي اللَّهُ أَمَرَكُمْ بِالَّذِي بَعَثَ بِهِ إِلَيْكُمْ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّ {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} مُلْكًا وَخَلْقًا لَا يَنْقُصُ كُفْرُكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ بِهِ مِنْ أَمْرِهِ، وَعِصْيَانِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا عَصَيْتُمُوهُ فِيهِ مِنْ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ شَيْئًا. {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمََا} [النساء: 17] يَقُولُ: وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا بِمَا أَنْتُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ طَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَفِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ وَمَعْصِيَتِهِ فِي ذَلِكَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015