ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْحَرْثُ , قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ , قَالَ: ثنا أَبُو مَعْشَرٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ , قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ} [النساء: 153] إِلَى قَوْلِهِ: {وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} [النساء: 156] فَلَمَّا تَلَاهَا عَلَيْهِمْ , يَعْنِي عَلَى الْيَهُودِ , وَأَخْبَرَهُمْ بِأَعْمَالِهِمُ الْخَبِيثَةِ , جَحَدُوا كُلَّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ , وَقَالُوا: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ , وَلَا عَلَى مُوسَى , وَلَا عَلَى عِيسَى , وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيٍّ مِنْ شَيْءٍ. قَالَ: فَحَلَّ حَبْوَتَهُ , وَقَالَ: وَلَا عَلَى أَحَدٍ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 91] وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} فَإِنَّ الْقُرَّاءَ اخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَتِهِ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَمْصَارِ الْإِسْلَامِ غَيْرَ نَفَرٍ مِنْ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} بِفَتْحِ الزَّايِ عَلَى التَّوْحِيدِ , بِمَعْنَى: وَآتَيْنَا دَاوُدَ الْكِتَابَ الْمُسَمَّى زَبُورًا. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: «وَآتَيْنَا دَاوُدَ زُبُورًا» بِضَمِّ الزَّايِ جَمْعُ -[688]- زُبُرٍ , كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا تَأْوِيلَهُ: وَآتَيْنَا دَاوُدَ كُتُبًا وَصُحُفًا مَزْبُورَةً , مِنْ قَوْلِهِمْ: زَبَرْتُ الْكِتَابَ أَزْبُرُهُ زَبْرًا , وَذَبَرْتُهُ أَذْبُرُهُ ذَبْرًا: إِذَا كَتَبْتُهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدَنَا , قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} بِفَتْحِ الزَّايِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ الْكِتَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ دَاوُدُ , كَمَا سَمَّى الْكِتَابَ الَّذِي أُوتِيَهُ مُوسَى التَّوْرَاةَ , وَالَّذِي أُوتِيَهُ عِيسَى الْإِنْجِيلَ , وَالَّذِي أُوتِيَهُ مُحَمَّدٌ الْفُرْقَانَ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الِاسْمُ الْمَعْرُوفُ بِهِ مَا أُوتِيَ دَاوُدُ , وَإِنَّمَا تَقُولُ الْعَرَبُ زَبُورُ دَاوُدَ , وَبِذَلِكَ يَعْرِفُ كِتَابَهُ سَائِرُ الْأُمَمِ