حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو , قَالَ: ثني أَبُو عَاصِمٍ , قَالَ: ثني عِيسَى , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِ اللَّهِ: {وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ , كَثِيرًا} [النساء: 160] قَالَ: «أَنْفُسَهُمْ وَغَيْرَهُمْ عَنِ الْحَقِّ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ , قَالَ: ثنا شِبْلٌ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ. وَقَوْلِهِ: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا} [النساء: 161] وَهُوَ أَخْذُهُمْ مَا أَفْضَلُوا عَلَى رُءُوسِ أَمْوَالِهِمْ لِفَضْلِ تَأْخِيرٍ فِي الْأَجَلِ بَعْدَ مَحِلِّهَا. وَقَدْ بَيَّنْتُ مَعْنَى الرِّبَا فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ {وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 161] يَعْنِي عَنْ أَخْذِ الرِّبَا. -[678]- وَقَوْلُهُ: {وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 161] يَعْنِي: مَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنَ الرُّشَا عَلَى الْحُكْمِ , كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [المائدة: 62] وَكَانَ مِنْ أَكْلِهِمْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ مَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ أَثْمَانِ الْكُتُبِ الَّتِي كَانُوا يَكْتُبُونَهَا بِأَيْدِيهِمْ , ثُمَّ يَقُولُونَ: هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْمَآكِلِ الْخَسِيسَةِ الْخَبِيثَةِ , فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِهِ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ حَلَالًا قَبْلَ ذَلِكَ , وَإِنَّمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِأَنَّهُمْ أَكَلُوا مَا أَكَلُوا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ كَذَلِكَ بِالْبَاطِلِ بِأَنَّهُمْ أَكَلُوهُ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ مِنْهُمْ بِغَيْرِ اسْتِيجَابٍ , فَقَوْلُهُ: {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 161] يَعْنِي: وَجَعَلْنَا لِلْكَافِرِينَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ , وَهُوَ الْمُوجِعُ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ , عِدَّةً يَصْلَوْنَهَا فِي الْآخِرَةِ , إِذَا وَرَدُوا عَلَى رَبِّهِمْ فَيُعَاقِبُهُمْ بِهَا