القول في تأويل قوله تعالى: وما ملكت أيمانكم يعني بذلك جل ثناؤه: والذين ملكتموهم من أرقائكم. فأضاف الملك إلى اليمين , كما يقال: تكلم فوك , ومشت رجلك , وبطشت يدك , بمعنى: تكلمت , ومشيت , وبطشت. غير أن ما وصفت به كل عضو من ذلك , فإنما أضيف إليه ما

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَالَّذِينَ مَلَكْتُمُوهُمْ مِنْ أَرِقَّائِكُمْ. فأَضَافَ الْمِلْكَ إِلَى الْيَمِينِ , كَمَا يُقَالَ: تَكَلَّمَ فُوكَ , وَمَشَتْ رِجْلُكَ , وَبَطَشَتْ يَدُكَ , بِمَعْنَى: تَكَلَّمْتَ , وَمَشَيْتَ , وَبَطَشْتَ. غَيْرَ أَنَّ مَا وَصَفْتَ بِهِ كُلَّ عُضْو مِنْ ذَلِكَ , فَإِنَّمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ مَا وَصَفْتَ بِهِ , لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَكُونُ فِي الْمُتَعَارَفِ فِي النَّاسِ دُونَ سَائِرِ جَوَارِحِ الْجَسَدِ , فَكَانَ مَعْلُومًا بِوَصْفِ ذَلِكَ الْعُضْوِ بِمَا وُصِفَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنَ الْكَلَامِ , فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36] لِأَنَّ مَمَالِيكَ أَحَدِنَا تَحْتَ يَدِهِ , إِنَّمَا يَطْعَمُ مَا تُنَاوِلُهُ أَيمَانُنَا وَيَكْتَسِي مَا تَكْسُوهُ وَتَصْرِفُهُ فِيمَا أَحَبَّ صَرْفَهُ فِيهِ بِهَا. فأُضِيفَ مِلْكُهُمْ إِلَى الْأَيمَانِ لِذَلِكَ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015