لِمَا بَيَّنَّا قَبْلُ أَنَّ الْجَارَ ذِي الْقُرْبَى: هُوَ الْجَارُ ذُو الْقَرَابَةِ وَالرَّحِمِ , وَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَارُ ذُو الْجَنَابَةِ الْجَارَ الْبَعِيدِ , لِيَكُونَ ذَلِكَ وَصِيَّةً بِجَمِيعِ أَصْنَافِ الْجِيرَانِ , قَرِيبِهِمْ وَبَعِيدِهِمْ. وَبَعْدُ فَإِنَّ الْجُنُبَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْبَعِيدُ كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي قَيْسٍ:
[البحر الطويل]
أَتَيْتُ حُرَيْثًا زَائِرًا عَنْ جَنَابَةٍ ... فَكَانَ حُرَيْثٌ فِي عَطَائِيَ جَامِدَا
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: عَنْ جَنَابَةٍ: عَنْ بُعْدٍ وَغُرْبَةٍ , وَمِنْهُ قِيلَ: اجْتَنَبَ فُلَانٌ فُلَانًا: إِذَا بَعُدَ مِنْهُ. وتَجَنَّبَهُ خَيْرَهُ: إِذَا مَنَعَهُ إِيَّاهُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجُنُبِ: جُنُبٌ , لِاعْتِزَالِهِ الصَّلَاةَ حَتَّى يَغْتَسِلَ. فَمَعْنَى ذَلِكَ: وَالْجَارُ الْمُجَانِبُ لِلْقَرَابَةِ