حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: أَنْشِدُكَ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ " -[346]- قَالَ مُحَمَّدٌ: وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُ بَعْضِ مَنْ قَرَأَ قَوْلَهُ: (وَالْأَرْحَامِ) بِالْخَفْضِ عَطْفًا بِالْأَرْحَامِ عَلَى الْهَاءِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ {بِهِ} [النساء: 1] ، كَأَنَّهُ أَرَادَ: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَبْالْأَرْحَامِ، فَعَطَفَ بِظَاهِرٍ عَلَى مَكْنِيٍّ مَخْفُوضٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ فَصِيحٍ مِنَ الْكَلَامِ عِنْدَ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْسِقُ بِظَاهِرٍ عَلَى مَكْنِيٍّ فِي الْخَفْضِ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ شِعْرٍ، وَذَلِكَ لِضِيقِ الشَّعْرِ؛ وَأَمَّا الْكَلَامُ فَلَا شَيْءَ يُضْطَرُّ الْمُتَكَلِّمَ إِلَى اخْتِيَارِ الْمَكْرُوهِ مِنَ الْمَنْطَقِ وَالرَّدِئِ فِي الْإِعْرَابِ مِنْهُ، وَمِمَّا جَاءَ فِي الشَّعْرِ مِنْ رَدِّ ظَاهِرٍ عَلَى مَكْنِيٍّ فِي حَالِ الْخَفْضِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

[البحر الطويل]

نُعَلِّقُ فِي مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفَنَا ... وَمَا بَيْنَهَا وَالْكَعْبِ غُوطٌ نَفَانِفُ

؟ فَعَطَفَ «الْكَعْبِ» وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْهَاءِ وَالْأَلِفِ فِي قَوْلِهِ «بَيْنَهَا» وَهِيَ مَكْنِيَّةٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: تَأْوِيلُ ذَلِكَ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} [النساء: 1] وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015