يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة احذروا أيها

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِقَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] احْذَرُوا أَيُّهَا النَّاسُ رَبَّكُمْ فِي أَنْ تُخَالِفُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ، وَفِيمَا نَهَاكُمْ، فَيَحِلَّ بِكُمْ مِنْ عُقُوبَتِهِ مَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ. ثُمَّ وَصَفَ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ الْمُتَوَحِّدُ بِخَلْقِ جَمِيعِ الْأَنَامِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَعَرَّفَ عِبَادَهُ كَيْفَ كَانَ مُبْتَدَأُ إِنْشَائِهِ ذَلِكَ مِنَ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ، وَمُنَبِّهُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ جَمِيعَهُمْ بَنُو رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَأَنَّ حَقَّ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَاجِبٌ وُجُوبَ حَقِّ الْأَخِ عَلَى أَخِيهِ؛ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي النَّسَبِ إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ رِعَايَةِ بَعْضِهِمْ حَقَّ بَعْضٍ، وَأَنَّ بَعْدَ التَّلَاقِي فِي النَّسَبِ إِلَى الْأَبِ الْجَامِعِ بَيْنَهُمْ، مِثْلَ الَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي النَّسَبِ الْأَدْنَى، وَعَاطِفًا بِذَلِكَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، لِيَتَنَاصَفُوا، وَلَا يَتَظَالَمُوا، وَلِيَبْذُلَ الْقَوِيُّ مِنْ نَفْسِهِ لِلضَّعِيفِ حَقَّهُ بِالْمَعْرُوفِ، عَلَى مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ لَهُ، فَقَالَ: {الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] يَعْنِي مِنْ آدَمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015