والصواب من القراءة ما عليه قراء الأمصار من تحريك الهمزة فيه إلى الخفض وغير جائز في القرآن أن يقرأ بكل ما جاز في العربية؛ لأن القراءة إنما هي ما قرأت به الأئمة الماضية، وجاء به السلف على النحو الذي أخذوا عمن قبلهم.
وقوله (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ) يقول: ولا ينزل المكر السيىء إلا بأهله، يعني بالذين يمكرونه، وإنما عنى أنه لا يحل مكروه ذلك المكر الذي مكره هؤلاء المشركون إلا بهم.
وقال قتادة في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ) وهو الشرك.
وقوله (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّةَ الأوَّلِينَ) يقول تعالى ذكره: فهل ينتظر هؤلاء المشركون من قومك يا محمد إلا سنة الله بهم في عاجل الدنيا على كفرهم به أليم العقاب، يقول: فهل ينتظر هؤلاء إلا أن أحل بهم من نقمتي على شركهم بي وتكذيبهم رسولي مثل الذي أحللت بمن قبلهم من أشكالهم من الأمم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّةَ الأوَّلِينَ) أي: عقوبة الأولين (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا) يقول: فلن تجد يا محمد لسنة الله تغييرًا.
وقوله (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلا) يقول: ولن تجد لسنة الله في خلقه تبديلا يقول: لن يغير ذلك ولا يبدله؛ لأنه لا مرد لقضائه.
القول في تأويل قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44) }