يعني بالنذير محمدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، يقول: فلما جاءهم محمد ينذرهم عقاب الله على كفرهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ) وهو محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
وقوله (مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا) يقول: ما زادهم مجيء النذير من الإيمان بالله واتباع الحق وسلوك هدى الطريق، إلا نفورًا وهربًا.
وقوله (اسْتِكْبَارًا فِي الأرْضِ) يقول: نفروا استكبارًا في الأرض وخدعة سيئة، وذلك أنهم صدوا الضعفاء عن اتباعه مع كفرهم به. والمكر هاهنا: هو الشرك.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَمَكْرَ السَّيِّئِ) وهو الشرك. وأضيف المكر إلى السيىء، والسيىء من نعت المكر كما قيل (إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) وقيل: إن ذلك في قراءة عبد الله (وَمَكْرًا سَيِّئًا) ، وفي ذلك تحقيق القول الذي قلناه من أن السيىء في المعنى من نعت المكر. وقرأ ذلك قراء الأمصار غير الأعمش وحمزة بهمزة محركة بالخفض. وقرأ ذلك الأعمش وحمزة بهمزة وتسكين الهمزة اعتلالا منهما بأن الحركات لما كثرت في ذلك ثقل، فسكَّنا الهمزة، كما قال الشاعر:
إذَا اعْوَجَجْنَ قُلْتُ صَاحِبْ قَوّمِ (?)
فسكن الباء لكثرة الحركات.