جِماعَه يجري مجرى الواحد من الأشياء غيره (?) . لأن حكم الواحد منه منفردًا قَلَمَّا يُصاب، فجرى جماعه مجرى من الأشياء غيره (?) ثم جُعلت الواحدة منه كالقطعة من جميعه، فقيل: بُرَّة وشعيرة وقصبة، يراد به قطعة منه (?) . ولم تكن سور القرآن موجودةً مجتمعةً اجتماعَ البرّ والشعير وسور المدينة، بل كلّ سورة منها موجودةٌ منفردة بنفسها، انفرادَ كل غُرْفة من الغُرف وخُطبة من الخطب، فجُعِل جمعُها جمع الغُرَف والخطب، المبنيِّ جمعها من واحدها.
ومن الدلالة على أنّ معنى السورة: المنزلةُ من الارتفاع، قول نابغة بني ذُبيان:
أَلَمْ تَرَ أنَّ الله أعطاكَ سُورَةً ... تَرَى كلَّ مَلْكٍ دُونَها يَتَذَبْذَبُ (?)
يعني بذلك: أنّ الله أعطاه منزلة من منازل الشرف التي قصَّرت عنها منازلُ الملوك.
وقد همز بعضهم السورةَ من القرآن. وتأويلُها، في لغة من هَمَزها، القطعةُ التي قد أفضِلت من القرآن عما سواها وأبقيت. وذلك أن سؤر كل شيء: البقية منه تَبقى بعدَ الذي يُؤخذ منه، ولذلك سميت الفضْلة من شراب الرجل -يشرَبُه ثم يُفضلها فيبقيها في الإناء- سُؤْرًا. ومن ذلك قول أعشى بني ثعلبة، يصف امرأةً فارقته فأبقت في قلبه من وجْدِها بقية:
فبَانَتْ، وقد أَسْأَرتْ في الفُؤادِ ... صَدْعًا، على نَأيِهَا، مُسْتَطِيَرا (?)