تفسير الشعراوي (صفحة 9613)

معلوم أن الناس هم الذين يخرجون لطلب الرزق، لكن في هذه القرية يأتي إليها الرزق، وهذا يُرجِّح القول بأنها مكة؛ لأن الله تعالى قال عنها: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [القصص: 57] .

ومن تيسَّر له العيش في مكة يرى فيها الثمرات والمنتجات من كل أنحاء العالم، وبذلك تمَّتْ لهم النعمة واكتملتْ لديهم وسائل الحياة الكريمة الآمنة الهانئة، فماذا كان منهم؟ هل استقبلوها بشكر الله؟ هل استخدموا نعمة عليهم في طاعته ومَرْضاته؟ لا. . بل:

{فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله. .} [النحل: 112] .

أي: جحدت بهذه النعم، واستعملتها في مصادمة منهج الله وشريعته، فكانت النتيجة:

{فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [النحل: 112] .

وكأن في الآية تحذيراً من الحق سبحانه لكل مجتمع كفر بنعمة الله، واستعمل النعمة في مصادمة منهجه سبحانه، فسوف تكون عاقبته كعاقبة هؤلاء.

{فَأَذَاقَهَا الله. .} [النحل: 112] .

من الذوق، نقول: ذاق وتذوَّق الطعام إذا وضعه على لسانه وتذوَّقه. والذَّوْق لا يتجاوز حلمات اللسان. إذن: الذوْق خاصٌّ بطعْم الأشياء، لكن الله سبحانه لم يقُلْ: أذاقها طعم الجوع، بل قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015