لك، اغفر لغيرك إساءته {أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ الله لَكُمْ ... } [النور: 22] .
وما دام ربك يعطيك، فعليك أنْ تعطي دون مخالفة الفقر؛ لأن الله تعالى هو الذي استدعاك للوجود؛ لذلك تكفَّل بنفقتك وتربيتك ورعايتك. لذلك حين ترى العاجز عن الكسب - وقد جعله ربه على هذه الحال لحكمة - حين يمد يده إليك، فاعلم أنه يمدُّها لله، وأنك مناول عن الله تعالى.
ونلحظ هذا المعنى في قوله تعالى: {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً. .} [الحديد: 11] .
فسمَّى الصدقة قرضاً لله، لماذا؟ لأن هذا العبد عبدي، مسئول مني أن أرزقه، وقد ابتليتُه لحكمة عندي - حتى لا يظنّ أحد أن المسألة ذاتية فيه، فيعتبر به غيره - فمَنْ إذن يقرضني لأسُدَّ حاجة أخيكم؟
وقال تعالى: {يُقْرِضُ الله ... } [الحديد: 11] مع أنه سبحانه الواهب؛ لأنه أراد أن يحترم ملكيتك، وأن يحترم انتفاعك، وسَعْيك. . كما لو أراد والد أنْ يُجري لأحد أبنائه عملية جراحية مثلاً وهو فقير وإخوته أغنياء، فيقول لأولاده: اقرضوني من أموالكم لأجري الجراحة لأخيكم، وسوف أردُّ عليكم هذا القرض.
«وفي الحديث الشريف أن سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دخل على ابنته فاطمة - رضوان الله عليها - فوجدها تجلو درهماً فسألها: ماذا تصنعين به» ؟ قالت: أجلوه، قال: «لِمَ» ؟ قالت: لأني نويت أن أتصدق به، وأعلم أنه يقع في يد الله قبل أن يقع في يد الفقير «.
إذن: فالمال مال الله، وأنت مناول عن الله تعالى.