تفسير السمعاني (صفحة 8535)

وَقد ثَبت عَن ابْن عَبَّاس أَن فِي الصُّورَة نعي النَّبِي إِلَى نَفسه، وَأمره بالتسبيح وَالِاسْتِغْفَار ليَكُون؛ آخر أمره وخاتمة عمله على زِيَادَة الطَّاعَة وَالذكر لله.

وَورد أَيْضا أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - كَانَ إِذا حضر الْمُهَاجِرين واستشارهم فِي شَيْء، أحضر مَعَهم عبد الله بن عَبَّاس، فَقَالُوا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن لنا أَوْلَادًا مثله - يَعْنِي أَنَّك لَا تحضرهم - فَقَالَ: إِنَّه من حَيْثُ تعلمُونَ، ثمَّ إِنَّه سَأَلَهُمْ مرّة عَن هَذِه السُّورَة فَقَالُوا: إِن الله تَعَالَى أَمر رَسُول الله بالتسبيح وَالِاسْتِغْفَار حِين جَاءَهُ الْفَتْح، وَدخل النَّاس فِي الدّين أَفْوَاجًا، فَسَأَلَ عبد الله بن عَبَّاس عَن معنى السُّورَة فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن الله تَعَالَى نعى إِلَى رَسُول الله نَفسه بِهَذِهِ السُّورَة، وَأمره بِزِيَادَة الْعَمَل وَالذكر؛ ليَكُون خَاتِمَة عمره عَلَيْهِ فَقَالَ لسَائِر الْمُهَاجِرين: إِنَّمَا أحضرهُ لهَذَا وَأَمْثَاله، أَو كَلَام هَذَا مَعْنَاهُ، وَاللَّفْظ الْمَذْكُور فِي الصَّحِيح فِي هَذَا الْخَبَر أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أجل رَسُول الله أعلمهُ إِيَّاه فَقَالَ لَهُ عمر: وَالله لَا أعلم مِنْهَا إِلَّا مَا تعلم.

وَقيل: إِن السُّورَة نزلت فِي أَوسط أَيَّام التَّشْرِيق.

وَقيل: إِن رَسُول الله لم يَعش بعد هَذِه السُّورَة إِلَّا ثَمَانِينَ لَيْلَة.

وَقد قيل: إِنَّهَا آخر سُورَة نزلت من الْقُرْآن كَامِلَة، وَالله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015