قَوْله تَعَالَى: {فَإِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا فَضرب الرّقاب} أَي: فاضربوا الرّقاب، وَضرب الرّقاب جزها وقطعها.
وَفِي التَّفْسِير: " أَن قوما من الْمُسلمين كَانَ بَعثهمْ النَّبِي لقِتَال قوم من الْكفَّار، فأحرقوا بعض الْكفَّار؛ فَبلغ النَّبِي فَأنكرهُ، وَقَالَ: " إِنِّي مَا بعثت لأعذب بِعَذَاب الله أحدا ". فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وعلمهم كَيْفيَّة الْقَتْل.
وَقَوله: {حَتَّى إِذا أثخنتموهم} الْإِثْخَان: بُلُوغ الْغَايَة فِي النكاية، وَيُقَال: الاستكثار من الْقَتْل.
وَقَوله: {فشدوا الوثاق} أَي: فأسروهم وشدوهم. وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ كَيفَ نَشد الْأَسير؟ قَالَ: بِحَبل، قيل: هَل نَشد بالقد؟ قَالَ: ذَاك عَظِيم، وَقيل لَهُ: نَشد الْمَرْأَة؟ قَالَ: نعم.
وَقَوله: {فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} فِي الْآيَة أَقْوَال: أَحدهَا: أَنَّهَا محكمَة، وَهُوَ الْمَعْرُوف. قَالَ مُجَاهِد وَغَيره: وَالْإِمَام بِالْخِيَارِ فِي الأسرى؛ إِن شَاءَ قتل، وَإِن شَاءَ فَادى، وَإِن شَاءَ من، وَإِن شَاءَ اسْترق، وَحكى هَذَا عَن ابْن عَبَّاس، وَالَّذِي ذَكرْنَاهُ قَول الشَّافِعِي وَكثير من الْأَئِمَّة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْآيَة مَنْسُوخَة بقوله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} قَالَه قَتَادَة والسدى وَغَيرهمَا.