{راسيات اعْمَلُوا آل دَاوُود شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور (13) فَلَمَّا قضينا عَلَيْهِ الْمَوْت مَا دلهم على مَوته إِلَّا دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته فَلَمَّا خر تبينت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا} وَكَانَ يَأْكُل خبز الشّعير، وَيطْعم أَهله وحاشيته خبز الخشكار وَيطْعم الْفُقَرَاء الدَّرْمَك، وَهُوَ الْخبز النقي.
وَقَوله: {وقدور راسيات} أَي: ثابتات مرتفعات، وَمِنْه الْجبَال الرواسِي. وَفِي الْقِصَّة، أَنه كَانَ يصعد إِلَيْهَا بالسلاليم.
وَقَوله: {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} قَالَ: تقدر اشكروا الله شكرا، وَيُقَال: إِن الشُّكْر هُوَ تقوى الله وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ. وَقيل: إِن آل دَاوُد هُوَ دَاوُد نَفسه، وَيُقَال: دَاوُد وَسليمَان وَأهل بَيته. وَفِي الْقِصَّة: أَنه لما نزل هَذَا على دَاوُد قَالَ: وَالله لَا يزَال منا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار قَائِم وصائم، فَكَانَ لَا يَأْتِي يَوْم إِلَّا وَمن آل دَاوُد فِيهِ صَائِم، وَلَا تَأتي سَاعَة من اللَّيْل إِلَّا وَمن آل دَاوُد فِيهَا قَائِم. وروى أَنه ناوب سَاعَات اللَّيْل وَكَانَ يقوم مَا شَاءَ الله، فَإِذا أَرَادَ أَن يرقد أيقظ بعض أَهله.
وروى أَنه قَالَ لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يَا بني، اكْفِنِي أَمر النَّهَار يَعْنِي: فِي الْعِبَادَة أكفك أَمر اللَّيْل، فَقَالَ سُلَيْمَان: لَا أقدر، فَقَالَ: اكْفِنِي أول النَّهَار وأكفك الْبَاقِي. وروى أَنه قَالَ: يَا رب، كَيفَ أشكرك وشكري لَك نعْمَة مِنْك عَليّ؟ فَقَالَ: الْآن شكرتني.
وَقَوله: {وَقَلِيل من عبَادي الشكُور} ظَاهر الْمَعْنى. وَالْفرق بَين الشاكر والشكور: أَن الشكُور هُوَ الَّذِي يتَكَرَّر مِنْهُ الشُّكْر، والشاكر الَّذِي يشْكر مرّة. وَقيل: هما وَاحِد.