5

قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ على هدى من رَبهم وَأُولَئِكَ هم المفلحون}

فَقَوله {أُولَئِكَ} يَعْنِي الَّذين وَصفهم {على هدى} أَي: على رشد وَبَيَان من رَبهم. فَإِن قيل: لم ذكر الْهدى ثَانِيًا وَقد وَصفهم بِالْهدى مرّة؟ قيل: كَرَّرَه لفائدة التَّأْكِيد أَو يُقَال: الْهدى الأول من الْقُرْآن، وَالْهدى الثَّانِي من الله، وَفِيه بَيَان أَن الْهِدَايَة من الله تَعَالَى وَمن كَلَامه كَمَا هُوَ مَذْهَب أهل السّنة.

وَأما {المفلحون} من الْفَلاح، والفلاح يكون بِمَعْنى الْبَقَاء. يُقَال: أَفْلح بِمَا شِئْت. أَي: أبق بِمَا شِئْت. وَقد يكون بِمَعْنى الْفَوْز والنجاة. وأصل الْفَلاح الْقطع والشق، وَمِنْه سمى [الزَّارِع] فلاحا؛ لِأَنَّهُ يشق الأَرْض. وَفِي الْمثل: " الْحَدِيد بالحديد يفلح "، أَي: يشق. قَالَ الشَّاعِر:

(قد علمت يَا ابْن أم صحصح ... أَن الْحَدِيد بالحديد يفلح)

أَي: يشق. فَمَعْنَى المفلحين أَنهم الْبَاقُونَ فِي نعيم الْأَبَد، والفائزون بِهِ، والمقطوع لَهُم بِالْخَيرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015