تفسير السمعاني (صفحة 2686)

109

قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أرسلنَا قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم من أهل الْقرى} قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: لم يبْعَث الله نَبيا من بَدو، وَإِنَّمَا بعث الله الْأَنْبِيَاء من الْأَمْصَار والقرى. وَقَالَ أَيْضا: لم يبْعَث الله نَبيا من الْجِنّ وَلَا من النِّسَاء، وَقيل: لم يبْعَث الله نَبيا من الْبَادِيَة لغلظهم وجفائهم، وَأما أهل الْأَمْصَار فهم [أحن] قلوبا وأذكى وأفطن فِي الْأُمُور؛ فَلهَذَا بعث الله الْأَنْبِيَاء مِنْهُم. وَقَوله: {أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبلهم} ظَاهر الْمَعْنى.

وَقَوله: {ولدار الْآخِرَة} مَعْنَاهُ: وَالْحَال فِي الدَّار الْآخِرَة، وللإنسان حالان: الْحَال الأولى، وَالْحَال الْآخِرَة، وَقيل: " ولدار الْآخِرَة " هَذَا إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه كَقَوْلِهِم: {خير للَّذين اتَّقوا} يَوْم الْخَمِيس، وَيَوْم الْجُمُعَة، قَالَ الشَّاعِر:

(أتمدح فقعسا وتذم عبسا؟ { ... أَلا لله أمك من هجين} !)

(وَلَو فزت عَلَيْك ديار عبس ... عرفت الذل عرفان الْيَقِين)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015