وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَهُ وحنا جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ وَيَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ فَيَنْفُخَ فِيهِ» ؟ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً، أي يوم القيامة نجمع يأجوج ومأجوج وجميع الخلق. وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ، أي: كشفنا الغطاء عنها قبل دخولهم جهنم. لِلْكافِرِينَ عَرْضاً، أي: كشفاً ويكون المصدر لتأكيد الكلام.

ثم نعت الكافرين فقال: الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ، أي أعين الكافرين فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي، أي في عمى عن التوحيد والقرآن فلم يؤمنوا. وَكانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً، أي استماعاً إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من بغضه وعداوته.

قوله تعالى: أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ، يعني: أن يعبدوا غيري، ومعناه: لا يحسبن الكافرون بأن يتخذوا أولياء يعبدون معي شيئاً، لأن المشركين كانوا يدعون بعض المؤمنين إلى الشرك، وهذا كقوله: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ [الحجر:

42] ، ويقال: ومعناه أفيظن الذين كفروا أن يعبدوا عبادي، يعني: الملائكة وعزيراً والمسيح، مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ يعني: أرباباً؟ ومعناه: يظنون أنهم لو اتخذوهم أرباباً تنفعهم عبادتهم ويفوتون من عذابي.

ثم بيّن عذابهم فقال: إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا، أي منزلاً. روي عن علي بن أبي طالب أنه قرأ: أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا بجزم السين وضم الباء ومعناه: أيكفيهم مني ومن طاعتي أن يتخذوا عبادى من دوني أولياء فحسبهم جهنم إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا أي منزلا.

[سورة الكهف (18) : الآيات 103 الى 108]

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104) أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (105) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً (106) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (107)

خالِدِينَ فِيها لاَ يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (108)

وقال: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا، يعني: الخاسرين أعمالهم، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ أي بطلت أعمالهم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً، أي:

يظنون أنهم يفعلون فعلاً حسناً. قال علي بن أبي طالب: «هم الخوارج» وهكذا روي عن أبي أمامة الباهلي، وروي عن سلمان الفارسي أنه قال: «هم رهبان النصارى أهل الصوامع» ، وهكذا قال مقاتل. أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ، أي بمحمد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن وَلِقائِهِ، أي البعث بعد الموت. فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ، أي بطلت حسناتهم، فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً أي لا توزن أعمالهم مثقال ذرة، ويقال: لا نقيم لأعمالهم ميزاناً. ذلِكَ جَزاؤُهُمْ، أي هكذا عقوبتهم. جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي، أي القرآن ومحمداً صلّى الله عليه وسلّم هُزُواً، أي استهزاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015