حُصُونِهِمْ، فَيَبْعَثُ الله عَلَيْهِمْ نغفاً فِي أَقْفِيَتِهِمْ فَيُهْلِكُهُمُ الله بِهَا» «1» .
وروى أبو صالح، عن ابن عباس: «أن يأجوج ومأجوج لا يموت الرجل منهم حتى يلد لصلبه ألف ابن، وذكر: أن يأجوج ومأجوج- كما ذكرنا- وهما ابنا يافث بن نوح، فإذا انكسر السد وذلك عند اقتراب الساعة، يخرجون فيمرون ببحيرة طبرية بأرض الشام وهي مملوءة ماء فيشربها أولهم، ثم يمر آخرهم فيقولون: لقد كان هاهنا مرة ماء. قال: والسد نحو بنات نعش، ثم يمرون بالبحر فيأكلون ما في جوفه من سمك وسرطان وسلحفاة أو دابة، ثم يأكلون ورق الشجر، ويأكلون ما في الأرض من شيء، ويهرب الناس منهم فيقتلون من قدروا عليه، ولا يستطيعون أن يأتوا أربعة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد بيت المقدس، ومسجد طور سيناء. ثم لا يرون على الأرض غيرهم، ثم يقولون: لقد قتلنا أهل الأرض وبقي أهل السماء، فيرمون سهامهم نحو السماء فتصيب الطير في جو السماء، فترجع سهامهم مختضبة بالدماء فيقولون: لقد قتلنا أهل السماء وأهل الأرض ولم يبقَ غيرنا. فيبعث الله تعالى عليهم دوداً يُسمَّى النغف، فيدخل في آذانهم فيقتلهم، فتنتن الأرض من جيفهم، ثم يرسل الله تعالى السّماء أربعين يوماً حتى يحمل السيل جيفهم فيرميها إلى البحر، ويعود البحر كما كان «2» . قرأ حمزة فَمَا اسْطاعُوا بتشديد الطاء والباقون بالتخفيف.
قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً (99) وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً (100) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (101) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً (102)
فلما فرغ ذو القرنين من بناء السد: قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي، أي هذا السد رحمة من ربي عليكم. فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي يقول: إذا جاء أجل ربي، جَعَلَهُ دَكَّاءَ يعني كسراً. قرأ أهل الكوفة دَكَّاءَ بالمد، وقرأ الباقون بالتنوين قال القتبي: جَعَلَهُ دَكًّا أي ألصقه بالأرض.
وقرأ الباقون بالتنوين دَكّاً إذا لم يكن لها سنام. وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا، أي صدقاً وكائناً بخروجهم.
ثمّ قال: وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ، أي يجول في بعض وراء السد، وَنُفِخَ فِي الصُّورِ قال أبو عبيدة: تنفخ الأرواح في الصور، وقال عامة المفسرين: يعني:
ينفخ إسرافيل في الصور، وهذا موافق لما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «كَيْفَ أَنْعَمُ