الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ
قال سعيد: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة. وقال الحسن: لم يخلق الله تعالى خليقة، يكابد مكابدة ما يكابد ابن آدم. وروي عن عطاء، عن ابن عباس يقول: خلق في شدة، يعني: مولده ونبات أسنانه وغير ذلك. ويقال: معناه: ولقد خلقنا الإنسان في كبد وهي المضغة، مثل الكبد دماً غليظاً، ثم يصير مضغة.
أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (9)
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (10)
وقال عز وجل: أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يعني: أيحسب الكافر، أن لن يقدر عليه الله تعالى، يعني: على أخذه وعقوبته. يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً يعني: أبا جهل بن هشام يقول: أنفقت مالاً كثيراً في عداوة محمد صلّى الله عليه وسلم، فلم ينفعني ذلك، وهو أنه ضمن مالاً لمن يقتل محمدا صلّى الله عليه وسلم، ويقال: أنفق مالاً يوم بدر. ثم قال عز وجل: أَيَحْسَبُ يعني: أيظن أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ يعني: إن لم ير الله تعالى صنيعه فلا يعاقبه بما فعل. ثم ذكر ما أنعم عليه ليعتبر به ويوحد فقال: أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ يعني: ألم نخلق له عينين. يبصر بهما وَلِساناً ينطق به وَشَفَتَيْنِ فيضمهما.
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ قال الثعلبي ومقاتل يعني: عرّفناه طريق الخير والشر. وقال قتادة:
يعني: طريق الهدى والضلالة، وهكذا قال ابن مسعود، رضي الله عنه، ويقال: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ يعني: هديناه في الصغر لأحد الثديين، يعني: خلق له شفتين، ليأخذ بهما ثدي أمه. ويقال: بينا له طريقين، طريق الدنيا، وطريق الآخرة. وقال مجاهد: يعني: طريق السعادة، وطريق الشقاوة. ويقال: الطاعة والمعصية، ويقال: طريق الصواب، وطريق الخطأ.
ومعناه ألم نجعل له ما يستدل به، على إن الله تعالى قادر على أن يبعثه، ويحصي عليه ما عمله.
[سورة البلد (90) : الآيات 11 الى 20]
فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (15)
أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)
ثم قال عز وجل: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ يعني: فلا هو اقتحم العقبة، ويقال: فلم يقتحم