وهي عشرون آية مكيّة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لاَ أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (2) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (4)
قوله تعالى: لاَ أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ يعني: أقسم بهذا البلد، ولا صلة في الكلام، ومعناه أقسم برب هذا البلد الذي ولد فيه يعني: مكة وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ يحلها يوم فتح مكة، معناه فسيحل لك هذا البلد، يعني: القتال فيه ساعة من النهار، ولم يحل لك أكثر من ذلك.
وروى عبد الملك، عن عطاء في قوله: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ وقال: إن الله تعالى حرم مكة، فجعلها حراماً يَوْمَ خَلَقَ السموات والأرض، وهي حرام إلى أن تقوم الساعة، ولم تحل إلا للنبي صلّى الله عليه وسلم ساعة من النهار. وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، أنه دخل بالبيت يوم الفتح، ووضع يده على باب الكعبة، فقال: «لاَ إله إلاَّ الله وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلاَ إن الله تعالى حرم مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السموات والأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ لِي، بِحَرَامِ الله تَعَالَى إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إلاَّ سَاعَةً مِنْ نهار» .
ثم قال عز وجل: وَوالِدٍ وَما وَلَدَ وَوالِدٍ يعني: آدم وَما وَلَدَ، يعني: ذريته.
ويقال: كل والد وكل مولود. وقال عكرمة وَوالِدٍ الذي يلد وَما وَلَدَ التي لم تلد من النساء والرجال لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ يعني: معتدل الخلق والقامة، فأقسم بمكة وبآدم وذريته لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ منتصباً قائماً على رجلين. وقال مقاتل: نزلت الآية في حارث بن عامر بن نوفل. وروى مقسم، عن ابن عباس في قوله: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ قال:
خلق كل شيء يمشي على أربع، إلا الإنسان فإنه خلق منتصباً، وهذا كقوله: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) [التين: 4] ويقال: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ يعني: في مشقة وتعب.
وروي عن ابن رفاعة، عن سعيد بن الحسن، عن الحسن البصري في قوله: لَقَدْ خَلَقْنَا