قوله عز وجل: وَاتَّبِعْ مَا يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ يعني: ما في القرآن إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً من وفاء العهد ونقضه وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ يعني: ثق بالله، وفوض أمرك إلى الله تعالى وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا يعني: حافظاً وناصراً. قرأ أبو عمرو: بِمَا يَعْمَلُونَ بالياء على معنى الخبر عنهم. وقرأ الباقون بالتاء على معنى المخاطبة يعني: النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأصحابه.
ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (5)
قوله عز وجل: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ قال مقاتل: نزلت في جميل بن معمر، ويكنى أبا معمر. وكان حافظاً بما يسمع، وأهدى الناس للطريق. يعني:
طريق البلدان وكان مبغضا للنبي صلّى الله عليه وسلم. وكان يقول: إن لي قلبين. أحدهما أعقل من قلب محمد فنزل: مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وكان الناس يظنون أنه صادق في ذلك، حتى كان يوم بدر فانهزم، وهو آخذ بإحدى نعليه في أصبعه، والأخرى في رجله حتى أدركه أبو سفيان بن حرب. وكان لا يعلم بذلك، حتى أخبر أن إحدى نعليه في أصبعه، والأخرى في رجله. فعرفوا أنه ليس له قلبان. ويقال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم سهى في صلاته، فقال المنافقون: لو أن له قلبين أحدهما في صلاته، والآخر مع أصحابه، فنزل ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ.
وروى معمر عن قتادة قال: كان رجل لا يسمع شيئاً إلا وعاه. فقال الناس: ما يعي هذا إلا أن له قلبين. وكان يسمى ذا القلبين فنزلت هذه الآية. وروى معمر عن الزهري قال: بلغنا أن ذلك في شأن زيد بن حارثة. ضَرَبَ الله مَثَلاً يقول: ليس ابن رجل آخر ابنك، كما لا يكون لرجل آخر من قلبين.
وذكر عن الشافعي أنه احتج على محمد بن الحسن قال: مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ يعني: ما جعل الله لرجل من أبوين في الإسلام. يعني: لا يجوز أن يثبت نسب صبي واحد من أبوين. ولكن هذا التفسير لم يذعن به أحد من المتقدمين. فلو أراد به على وجه