وهي سبعون وثلاث آيات مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (3)
قوله تبارك وتعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ قال مقاتل: وذلك أن أبا سفيان بن حرب، وعكرمة بن أبي جهل، وأبا الأعور السلمي، قدموا المدينة بعد أحد، وبعد الهدنة. فمروا على عبد الله بن أبي المنافق. فقام معهم عبد الله بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق. فجاؤوا إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم. فقالوا له: اترك ذكر آلهتنا. وقل: إن لها شفاعة في الآخرة ومنفعة لمن عبدها، وندعك وربك. فشقّ ذلك على النبي صلّى الله عليه وسلم فقال عمر- رضي الله عنه- ائذن لي في قتلهم. فقال: «قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الأَمَانَ» . فلم يأذن له بالقتل وأمره بأن يخرجهم من المدينة. فقال لهم عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه. فنزل يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وقال مقاتل في رواية الكلبي: قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمدينة، فنزلوا على عبد الله بن أبي ومعتب بن قشير، وجد بن قيس، فتكلموا فيما بينهم. فلما اجتمعوا في أمر فيما بينهم، أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدعونه إلى أمرهم، وعرضوا عليه أشياءً، فكرهها منهم. فهمّ بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم والمسلمون أن يقتلوهم فنزل يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ
وَلاَ تنقض العهد الذي بينك وبينهم إلى المدةَ. وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ من أهل مكة وَالْمُنافِقِينَ من أهل المدينة فيما دعوك إليه.
ويقال: إن المسلمين أرادوا أن ينقضوا العهد فأراد النبيّ صلّى الله عليه وسلم أن يأذن لهم. فنزل يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ في نقض العهد. وإنما ذكر النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأراده هو وأصحابه. ألا ترى أنه قال في سياق الآية: إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ثم قال: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً بما اجتمعوا عليه حَكِيماً حيث نهاك عن نقض العهد وحكم بالوفاء.