تفسير سورة النحل وهي مكية
{1 - 2} {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ} .
يقول تعالى -مقربا لما وعد به محققا لوقوعه- {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} فإنه آت، وما هو آت، فإنه قريب، {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} من نسبة الشريك والولد والصاحبة والكفء وغير ذلك مما نسبه إليه المشركون مما لا يليق بجلاله، أو ينافي كماله، ولما نزه نفسه عما وصفه به أعداؤه ذكر الوحي الذي ينزله على أنبيائه، مما يجب اتباعه في ذكر ما ينسب لله، من صفات الكمال فقال: {يُنزلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} أي: بالوحي الذي به حياة الأرواح {عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} ممن يعلمه صالحا، لتحمل رسالته.
وزبدة دعوة الرسل كلهم ومدارها على قوله: {أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ} أي: على معرفة الله تعالى وتوحده في صفات العظمة التي هي صفات الألوهية وعبادته وحده لا شريك له فهي التي أنزل الله بها كتبه وأرسل رسله، وجعل الشرائع كلها تدعو إليها، وتحث وتجاهد من حاربها وقام بضدها، ثم ذ كر الأدلة والبراهين على ذلك فقال: