{80 - 84} {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} .
يخبر تعالى عن أهل الحجر، وهم قوم صالح الذين كانوا يسكنون الحجر المعروف في أرض الحجاز، أنهم كذبوا المرسلين أي: كذبوا صالحا، ومن كذب رسولا فقد كذب سائر الرسل، لاتفاق دعوتهم، وليس تكذيب بعضهم لشخصه بل لما جاء به من الحق الذي اشترك جميع الرسل بالإتيان به، {وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا} الدالة على صحة ما جاءهم به صالح من الحق، التي من جملتها: تلك الناقة التي هي من آيات الله العظيمة.
{فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} كبرا وتجبرا على الله، {وَكَانُوا} من كثرة إنعام الله عليهم {يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ} من المخاوف مطمئنين في ديارهم، فلو شكروا النعمة وصدقوا نبيهم صالحا عليه السلام لأدرَّ الله عليهم الأرزاق، ولأكرمهم بأنواع من الثواب العاجل والآجل، ولكنهم -لما كذبوا وعقروا الناقة، وعتوا عن أمر ربهم وقالوا: {يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين}
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ} فتقطعت قلوبهم في أجوافهم وأصبحوا في دارهم جاثمين هلكى، مع ما يتبع ذلك من الخزي واللعنة المستمرة {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} لأن أمر الله إذا جاء لا يرده كثرة جنود، ولا قوة أنصار ولا غزارة أموال.