19

{19 - 21} {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ * وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} .

ينبه تعالى عباده بأنه {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقَّ} أي: ليعبده الخلق ويعرفوه، ويأمرهم وينهاهم وليستدلوا بهما وما فيهما على ما له من صفات الكمال، وليعلموا أن الذي خلق السماوات والأرض -على عظمهما وسعتهما- قادر على أن يعيدهم خلقا جديدا، ليجازيهم بإحسانهم وإساءتهم، وأن قدرته ومشيئته لا تقصر عن ذلك ولهذا قال: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ}

يحتمل أن المعنى: إن يشأ يذهبكم ويأت بقوم غيركم يكونون أطوع لله منكم، ويحتمل أن المراد أنه: إن يشأ يفنيكم ثم يعيدهم بالبعث خلقا جديدا، ويدل على هذا الاحتمال ما ذكره بعده من أحوال القيامة.

{وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} أي: بممتنع بل هو سهل عليه جدا، {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}

{وَبَرَزُوا} أي: الخلائق {لِلَّهِ جَمِيعًا} حين ينفخ في الصور فيخرجون من الأجداث إلى ربهم فيقفون في أرض مستوية قاع صفصف، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ويبرزون له لا يخفى [عليه] منهم خافية، فإذا برزوا صاروا يتحاجون، وكل يدفع عن نفسه، ويدافع ما يقدر عليه، ولكن أنى لهم ذلك؟

فيقول {الضُّعَفَاءُ} أي: التابعون والمقلدون {لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} وهم: المتبوعون الذين هم قادة في الضلال: {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} أي: في الدنيا، أمرتمونا بالضلال، وزينتموه لنا فأغويتمونا، {فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} أي: ولو مثقال ذرة، {قَالُوا} أي: المتبوعون والرؤساء {أغويناكم كما غوينا} و {لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ} فلا يغني أحد أحدا، {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا} من العذاب {أَمْ صَبَرْنَا} عليه، {مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} أي: من ملجأ نلجأ إليه، ولا مهرب لنا من عذاب الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015