{22 - 23} {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} .
يقول تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ} من لم تفد فيهم الآيات والنذر، وهم {الصُّمُّ} عن استماع الحق {الْبُكْمُ} عن النطق به. {الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} ما ينفعهم، ويؤثرونه على ما يضرهم، فهؤلاء شر عند الله من جميع (?) الدواب، لأن الله أعطاهم أسماعا وأبصارا وأفئدة، ليستعملوها في طاعة الله، فاستعملوها في معاصيه وعدموا - بذلك - الخير الكثير، فإنهم كانوا بصدد أن يكونوا من خيار البرية.
فأبوا هذا الطريق، واختاروا لأنفسهم أن يكونوا من شر البرية، والسمع الذي نفاه الله عنهم، سمع المعنى المؤثر في القلب، وأما سمع الحجة، فقد قامت حجة الله تعالى عليهم بما سمعوه من آياته، وإنما لم يسمعهم السماع النافع، لأنه لم يعلم فيهم خيرا يصلحون به لسماع آياته.
{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ} على الفرض والتقدير {لَتَوَلَّوْا} عن الطاعة {وَهُمْ مُعْرِضُونَ} لا التفات لهم إلى الحق بوجه من الوجوه، وهذا دليل على أن الله تعالى لا يمنع الإيمان والخير، إلا لمن لا خير فيه، الذي لا يزكو لديه ولا يثمر عنده. .وله الحمد تعالى والحكمة في هذا.