وإنما أعطاهم الله هذا الثواب الجزيل [من فضله وإحسانه] . {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ} لهم {عَطَاءً حِسَابًا} أي: بسبب أعمالهم التي وفقهم الله لها، وجعلها ثمنا لجنته ونعيمها (?) .
-[908]-
{37 - 40} {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا * يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا * ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا * إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} .
أي: الذي أعطاهم هذه العطايا هو ربهم {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} الذي خلقها ودبرها {الرَّحْمَنِ} الذي رحمته وسعت كل شيء، فرباهم ورحمهم، ولطف بهم، حتى أدركوا ما أدركوا.
ثم ذكر عظمته وملكه العظيم يوم القيامة، وأن جميع الخلق كلهم ذلك اليوم ساكتون لا يتكلمون و {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، فلا يتكلم أحد إلا بهذين الشرطين: أن يأذن الله له في الكلام، وأن يكون ما تكلم به صوابا، لأن {ذَلِكَ الْيَوْمُ} هو {الْحَقُّ} الذي لا يروج فيه الباطل، ولا ينفع فيه الكذب، وفي ذلك اليوم {يَقُومُ الرُّوحُ} وهو جبريل عليه السلام، الذي هو أشرف الملائكة (?) {وَالْمَلائِكَةُ} [أيضا يقوم الجميع] {صَفًّا} خاضعين لله {لا يَتَكَلَّمُونَ} إلا بما أذن لهم الله به (?) .
فلما رغب ورهب، وبشر وأنذر، قال: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} أي: عملا وقدم صدق يرجع إليه يوم القيامة.
{إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا} لأنه قد أزف مقبلا وكل ما هو آت فهو قريب.
{يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} أي: هذا الذي يهمه ويفزع إليه، فلينظر في هذه الدنيا إليه (?) ، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} الآيات.
فإن وجد خيرا فليحمد الله، وإن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ولهذا كان الكفار يتمنون الموت من شدة الحسرة والندم.
نسأل الله أن يعافينا من الكفر والشر كله، إنه جواد كريم.
تم تفسير سورة عم، والحمد لله رب العالمين
تفسير سورة النازعات
وهي مكية