23

{23-29} {وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} .

يقول تعالى: {وَقَالَ قَرِينُهُ} أي: قرين هذا المكذب -[806]- المعرض، من الملائكة، الذين وكلهم الله على حفظه، وحفظ أعماله، فيحضره يوم القيامة ويحضر أعماله ويقول: {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} أي: قد أحضرت ما جعلت عليه، من حفظه، وحفظ عمله، فيجازى بعمله.

ويقال لمن استحق النار: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} أي: كثير الكفر والعناد لآيات الله، المكثر من المعاصي، المجترئ على المحارم والمآثم.

{مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} أي: يمنع الخير الذي عنده (?) الذي أعظمه، الإيمان بالله [وملائكته] (?) وكتبه، ورسله مناع، لنفع ماله وبدنه، {مُعْتَدٍ} على عباد الله، وعلى حدوده (?) {مُرِيبٍ} أي: شاك في وعد الله ووعيده، فلا إيمان ولا إحسان ولكن وصفه الكفر والعدوان، والشك والريب، والشح، واتخاذ الآلهة من دون الرحمن، ولهذا قال: {الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} أي: عبد معه غيره، ممن لا يملك لنفسه نفعًا، ولا ضرًا، ولا موتًا ولا حياة، ولا نشورًا، {فَأَلْقِيَاهُ} أيها الملكان القرينان {فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ} الذي هو معظمها وأشدها وأشنعها.

{قَالَ قَرِينُهُ} الشيطان، متبرئًا منه، حاملا عليه إثمه: {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} لأني لم يكن لي عليه سلطان، ولا حجة ولا برهان، ولكن كان في الضلال البعيد، فهو الذي ضل وأبعد عن الحق باختياره، كما قال في الآية الأخرى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} الآية (?) .

قال الله تعالى مجيبًا لاختصامهم: {لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} أي: لا فائدة في اختصامكم (?) عندي، {و} الحال أني {قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} أي: جاءتكم رسلي بالآيات البينات، والحجج الواضحات، والبراهين الساطعات، فقامت عليكم حجتي، وانقطعت حجتكم، وقدمتم علي بما أسلفتم من الأعمال التي وجب جزاؤها.

{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} أي: لا يمكن أن يخلف ما قاله الله وأخبر به، لأنه لا أصدق من الله قيلا ولا أصدق حديثًا.

{وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} بل أجزيهم بما عملوا من خير وشر، فلا يزاد (?) في سيئاتهم، ولا ينقص من حسناتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015