{وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ * ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ * فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
{وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا} أي: وظهر لهم يوم القيامة عقوبات أعمالهم، {وَحَاقَ بِهِمْ} أي: نزل {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} أي: نزل بهم العذاب الذي كانوا في الدنيا يستهزئون به وبوقوعه وبمن جاء به.
{وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ} أي: نترككم في العذاب {كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} فإن الجزاء من جنس العمل {وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ} أي: هي مقركم ومصيركم، {وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} ينصرونكم من عذاب الله ويدفعون عنكم عقابه.
{ذَلِكُمْ} الذي حصل لكم من العذاب {بـ} سبب {أنكم اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} مع أنها موجبة للجد والاجتهاد وتلقيها بالسرور والاستبشار والفرح.
{وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} بزخارفها ولذاتها وشهواتها فاطمأننتم إليها، وعملتم لها وتركتم العمل للدار الباقية.
{فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} أي: ولا يمهلون ولا يردون إلى الدنيا ليعملوا صالحا.
{فَلِلَّهِ الْحَمْدُ} كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي: له الحمد على ربوبيته لسائر الخلائق حيث خلقهم ورباهم وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة.
{وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي: له الجلال والعظمة والمجد.
فالحمد فيه الثناء على الله بصفات الكمال ومحبته تعالى وإكرامه، -[779]- والكبرياء فيها عظمته وجلاله والعبادة مبنية على ركنين، محبة الله والذل له، وهما ناشئان عن العلم بمحامد الله وجلاله وكبريائه.
{وَهُوَ الْعَزِيزُ} القاهر لكل شيء، {الْحَكِيمُ} الذي يضع الأشياء مواضعها، فلا يشرع ما يشرعه إلا لحكمة ومصلحة ولا يخلق ما يخلقه إلا لفائدة ومنفعة.
تم تفسير سورة الجاثية، ولله الحمد والنعمة والفضل
تفسير سورة الأحقاف
مكية