{30 - 32} {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} .
يخبر تعالى عن أوليائه، وفي ضمن ذلك، تنشيطهم، والحث على الاقتداء بهم، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} أي: اعترفوا ونطقوا ورضوا بربوبية الله تعالى، واستسلموا لأمره، ثم استقاموا على الصراط المستقيم، علمًا وعملا فلهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
{تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ} الكرام، أي: يتكرر نزولهم عليهم، مبشرين لهم عند الاحتضار. {أَلا تَخَافُوا} على ما يستقبل من أمركم، {وَلا تَحْزَنُوا} على ما مضى، فنفوا عنهم المكروه الماضي والمستقبل، {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} فإنها قد وجبت لكم وثبتت، وكان وعد الله مفعولا ويقولون لهم أيضا - مثبتين لهم، ومبشرين: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} يحثونهم في الدنيا على الخير، ويزينونه لهم، ويرهبونهم عن الشر، ويقبحونه في قلوبهم، ويدعون الله لهم، ويثبتونهم عند المصائب والمخاوف، وخصوصًا عند الموت وشدته، والقبر وظلمته، وفي القيامة وأهوالها، وعلى الصراط، وفي الجنة يهنئونهم بكرامة ربهم، ويدخلون -[749]- عليهم من كل باب {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} ويقولون لهم أيضا: {وَلَكُمْ فِيهَا} أي: في الجنة {مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} قد أعد وهيئ. {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} أي: تطلبون من كل ما تتعلق به إرادتكم وتطلبونه من أنواع اللذات والمشتهيات، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
{نزلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} أي: هذا الثواب الجزيل، والنعيم المقيم، نزلٌ وضيافة {مِنْ غَفُورٍ} غفر لكم السيئات، {رَحِيمٍ} حيث وفقكم لفعل الحسنات، ثم قبلها منكم. فبمغفرته أزال عنكم المحذور، وبرحمته، أنالكم المطلوب.